المسيح هو طوق النجاة الوحيد فى بحر الحياة المضطرب
هل المسيح هو الله!؟

هل المسيح هو الله!؟

هل المسيح هو الله!؟

تحميل الكتاب

هذا كتاب عن المسيح..

وما أكثر ما كُتب عن المسيح وما سوف يُكتب عنه حتى يجيء.

وأعترف أنني لم أكتب كلمة واحدة من هذا الكتاب، إلا بعد أن قرأت الكثير من الكتب المنتشرة في المكتبات الإنجليزية والعربية والتي تتحدث عن المسيح.

قرأت ما كتبه عنه الذين حاربوه، ووقفوا منه موقف العداء.

وقرأت ما كتبه عنه الذين أحبوه، وشهدوا من واقع اختبارهم بأن المسيح حقيقة حية، وبأنه ما زال يغير الذين يقبلونه ويؤمنون به.

وقرأت كذلك حجج الذين أرادوا أن يتجاهلوه، فادعوا أن يسوع المسيح أسطورة، وأنه لم يظهر قط في دنيا الواقع على مسرح التاريخ.

وأعجبي ما كتبه جبران خليل جبران الشاعر اللبناني في كتابه «يسوع ابن الإنسان» ووضعه على لسان مريم المجدلية حين أنطقها بالحديث عن المسيح في هذه العبارات: «لقد كنت امرأة طلقت نفسها… كنت ملكاً مشاعاً لجميع الرجال، وفي ذات الوقت لم يمتلكني رجل… وأطلقوا عليّ اسم «الزانية» و «المرأة المسكونة بسبعة شياطين»…ولكن عندما التقت عينا يسوع المسيح في فجر نورهما بعيني تلاشت كل نجوم ليلي، وصرت «مريم» و «مريم» فقط، المرأة التي تدهورت إلى الحضيض، ثم عادت في نور عيني المسيح لترى نفسها من جديد» .

«لقد نظر إليّ المسيح وقال: الرجال الآخرون يحبون ذواتهم في القرب منك، ولكنني أحبك لذاتك… الرجال الآخرون يرون فيك جمالاً سوف يذبل بأسرع مما يذبل شبابهم، ولكنني أرى فيك الجمال الذي لا يذبل، ولا يخجل من أن ينظر إلى نفسه في المرآة.. إنني أحب فيك روحك التي لا يراها الآخرون.. وعرفت في ذلك اليوم أن نظرات عينيه الطاهرتين قد ذبحت الحية الرقطاء الساكنة في قلبي، وصرت من لحظة ذلك اللقاء امرأة جديدة.. صرت مريم المجدلية».

وأعجبني ما كتبه عنه عباس محمود العقاد في كتابه «الله» إذ قال: «لم يشهد التاريخ قبل السيد المسيح رسولاً رفع الضمير الإنساني كما رفعه، ورد إليه العقيدة كما ردها إليه. فقد جعله كفؤاً للعالم بأسره بل يزيد عليه، لأن من ربح العالم وفقد ضميره فهو مغبون في هذه الصفقة الخاسرة «لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه، أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه؟… والطهر كل الطهر في نقاء الضمير، فمناط الخير كله فيه، ومرجع اليقين كله إليه «فليس شيء من خارج الإنسان يدنسه. بل ما يخرج من الإنسان هو الذي يدنس الإنسان».

وأعجبني كذلك ما كتبه في كتابه «حياة المسيح في التاريخ وكشوف العصر الحديث» إذ قال «كانت الدعوة المسيحية رسالة لازمة تعلم الناس ما هم في حاجة إلى أن يتعلموه كلما غرقوا في لجة راكدة من الحروف الميتة والأشكال المتحجرة، تعلمهم أن العقيدة مسألة فكرة وضمير، لا مسألة حروف وأشكال… وهذه رسالة السيد المسيح في ذلك العصر الموبوء بجموده وريائه على السواء، لأن الرياء إنما هو في باطنه جمود على وجهه طلاء».

وهزني ما قاله نابليون لطبيبه وهو في منفاه ونقله أحد خدام الإنجيل بالكلمات: لقد أسس الاسكندر وقيصر وشرلمان وأنا أمبراطوريات عظمى ولكن بمحض القوة العسكرية. أما يسوع المسيح فهو وحده الذي أسس دولة من طراز جديد على المحبة الخالصة.. وإلى يومنا هذا نجد الملايين مستعدين لأن يجودوا بحياتهم جود السماح من أجله.. لقد خبرت البشر وعرفتهم وأشهد أن كلا منا إنسان، لكن يسوع المسيح أعظم من إنسان.. كان في مقدوري وأنا في أبان سطوتي أن ألهب نار الحماسة في قلوب الكثيرين ليضحوا بحياتهم في سبيلي، وذلك بقوة شخصيتي وتأثير كلامي وأنا أتقدم صفوفهم… أما يسوع المسيح فقد استطاع بعد مبارحته الأرض بألف وثمانمائة عام أن يطالب الملايين بأن يقدموا له قلوبهم بغير قيد ولا شرط ففاز منهم بكل ما طلب. ولم تقو يد الزمن الجامدة على أن تطفئ جذوة النار المتقدة في قلوبهم بعد أن باعدت الأجيال الطويلة بينه وبينهم. هذا هو لغز الناصري الذي يحيرني، وسوف أظل حائراً حتى أسلم بأنه شخص إلهي بل هو «الله بالذات».

كل هذا الكلام أعجبني وأثار تفكيري، ومعه قرأت الكلام المسموم الذي يحاول كاتبوه عبثاً تشويه شخصية المسيح الكريم.

ولهذا قررت بعد أن سكبت قلبي أمام الله، وانفردت بكتابي المقدس وبالكتب الأخرى لوقت طويل، أن أكتب هذا الكتاب لأجيب على صفحاته عن السؤال الذي طالما تردد عبر السنين: هل كان المسيح حقاً هو «الله»؟ وقد قصدت بهذا الكتاب أن أساعد الإنسان المعاصر لمعرفة المسيح بأسلوب العصر، فخاطبت عقله وقلبه معاً، وحاولت أن أوقفه مواجهة مع ذلك الشخص المجيد المبارك الفريد.

ويتميز هذا الكتاب أنه جمع بين دفتيه تفسيراً واضحاً للآيات التي تبدو مناقضة في ظاهر كلماتها للإيمان بأن المسيح هو الله… وأنه تحاشى في ذات الوقت التعقيد السفسطي الذي يصعب فهمه على الإنسان العادي، وأنه أعطى جواباً كافياً لصاحب العقل العلمي.

وإنني أضع هذا الكتاب بين يدي الرب، أضعه بكل خشوع وتهيب، مؤكداً لقارئي الكريم أنه إن وجد في الكتاب ما يفيد فالفضل يرجع إولاً وأخيراً لربي، وأنه إن اكتشف فيه أي قصور أو تقصير فإن هذا يرجع إلى ضغفي وإنسانيتي.

وكل رجائي أن أكون قد تمكنت بنعمة إلهي من أن أقود النفوس المخلصة الباحثة عن الحق بخصوص المسيح، أن تتأكد حقيقة شخصيته وتتيقن لاهوته ومحبته.

«مصر الجديدة»

19 نوفمبر 1968

القس لبيب ميخائيل

تحميل الكتاب