ولو أنكرنا هذا، لكان ذلك كعناً بالتواتر، والطعن بالتواتر يوجب الطعن بنبوة كافة الأنبياء وهذا لا يجوز. كما أن شهادات رؤساء اليهود وهم أعداء المسيح، كلها تشير إلى صلب المسيح. وبهذا الصدد نؤكد أن شهادات رؤساء اليهود وهو أعداء المسيح، كلها تشير إلى صلب المسيح، وبهذا الصدد نؤكد مرة ثانية بأن إيمان المسيحيين يرتكز على موت المسيح الفدائي، وغلبته على الخطية والشر ثم قيامته المجيدة من بين الأموات في اليوم الثالث.
هل الجبل الذي صُلب عليه السيد المسيح والذي يُعرف بجبل الجلجثة، هو المكان نفسه الذي أوجد الله عليه الإنسان الأول وآدم؟
– للإجابة عن القسم الأول من السؤال، نُذكّر بقصة الخليقة الواردة في سفر التكوين من الكتاب المقدس، التي جاء فيها ما يلي: “وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها” (تكوين 2:5). وكما يعتقد بعض المؤرخين وعلماء الكتاب المقدس أن جنة عدن كانت تقع في بلاد ما بين النهرين، أي في العراق، وهذا طبعاً ترجيح يرتكز على ما جاء من وصف لموقع جنة عدن في الكتاب المقدس. فبناء على ذلك نستنتج أن آدم لم يُخلق على جبل الجمجمة أو الجلجثة الواقع في أورشليم، بل في جنة عدن. ولكن هناك تقليد يقول إن آدم دفن على جبل الجمجمة أو جبل الجلجثة، ولذلك سمى ذلك الجبل بهذا الإسم، وهو المكان نفسه الذي صُلب عليه السيد المسيح، ولكن هذا مجرد تقليد لا يؤيده الكتاب المقدس. ونلاحظ في بعض الأحيان رسوماً أبدعتها ريش الرسامين تصوّر المسيح معلقاً على الصليب. وعند قاعدة الصليب صورة جمجمة. ويُقال إن ذلك يشير إلى أن تلك الجمجمة تمثل جمجمة الإنسان الأول آدم، ويشير الرسم التقليدي بكامله إلى أن المكان الذي مات فيه الإنسان الأول آدم، الذي دخلت الخطية بواسطته إلى العالم، هو المكان نفسه الذي مات فيه آدم الثاني، أي المسيح البارّ، ليمحو إثم الخطاة بموته على خشبة الصليب.
هل المكان الذي صُلب فيه المسيح هو نفسه الذي كان إبراهيم مزمعاً أن يقدّم عليه ابنه اسحق كذبيحة الله؟
– كلا، إن المكان الذي أراد إبراهيم أن يقدم عليه ابنه اسحق كذبيحة لله يُعرف بجبل “المُريّا”. ويقول الكتاب المقدس بهذا الصدد ما يلي: “وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم” فقال له: “يا إبراهيم، فقال هأنذا. فقال، خذ ابنك وحيدك الذي تحبه اسحق واذهب إلى أرض “المريا” وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك” (تكوين 22:2). وتشير التقاليد إلى أن المكان الذي كان إبراهيم مزمعاً أن يقدم عليه ابنه اسحق كذبيحة لله، هو المكان نفسه الذي كان قائماً عليه هيكل سليمان قديماً في مدينة أورشليم أي القدس. وفي المكان نفسه حالياً مسجد قبة الصخرة في الحرم الشريف في مدينة القدس، والمسجد الأقصى، وإن الصخرة ما زالت موجودة حتى الآن، والمكان مقدس من الإخوة المسلمين. وهكذا فإن الجبل الذي صُلب عليه المسيح هو ليس الجبل نفسه الذي أراد فيه إبراهيم أن يقدم ابنه اسحق عليه كذبيحة لله، ولكن المكانين في مدينة القدس التي كانت تُعرف باسم أورشليم.