المسيح هو طوق النجاة الوحيد فى بحر الحياة المضطرب
مفهوم الخطية

مفهوم الخطية

الخطية

ما هي الخطية

فساد الطبيعة الإنسانية

حالة الإنسان الأصلية

الخطية والكفارة

ما هي الخطية؟

اختلف الناس في أمر الخطية لاختلاف أفكارهم وميولهم. فلنتحقق من ماهيتها دعنا نفكر على سبيل المثال في العبارة المألوفة أخطأ الهدف ومعناها: لم يُصِب الهدف أو انحرف عنه . فمنها يتَّضح لنا أن الخطية ليست هي الشر الشنيع فحسب كما يظن بعض الناس، بل إنها أيضاً الانحراف عن حق اللّه باعتباره القاعدة التي وضعها لسلوكنا في العالم الحاضر. ولما كان حق اللّه ينهى عن الشر ويأمر بالخير، فالخطية لا تكون بالانحراف إلى الشر فحسب، بل وبالانحراف عن الخير أيضاً.

أما قول السفسطائيين ليس هناك خير أو شر، وما يراه الإِنسان خيراً فهو خير، وما يراه شراً فهو شر ، فلا نصيب له من الصواب. لأن ما يراه إنسانٌ شراً قد يراه آخر خيراً، والشيء الواحد لا يكون شراً وخيراً معاً، وإلا ما كان هناك مقياس للأخلاق أو قانون لمعاقبة المجرمين، ولسادت الفوضى كل العالم تبعاً لذلك.. نعم إن الصدق قد يعود علينا أحياناً في العالم الحاضر بالخسارة، وقد يعود الكذب علينا فيه بالربح، لكن مع ذلك يظل الصدق خيراً والكذب شراً، لأن الخير لا يُقاس بما نحصل عليه من ربح، والشر لا يُقاس بما نتعرض له من خسارة، لأن الخير والشر يُقاسان بالنسبة إلى الكمال، والكمال لا شأن له بالربح أو الخسارة. ولقد صدق ولتير في قوله: الواجب واحد في كل مكان. سواء على أعتاب عرش اللّه، أو في قرار الهوة السحيقة . فالحكم على تصرفاتنا لا يكون لشعورنا أو لضمائرنا، كما يقول بعض الناس، بل لكلمة اللّه دون سواها، لأنها الثابتة الراسخة إلى الأبد.

 

1 – الانحراف إلى الشر:

اللّه روح. ولا نعني أنه روح مثل الأرواح، بل نعني أنه منزَّه عن الجسدانية، ولا يُدرَك بالحواس البشرية. والروح لا يتعامل إلا مع عنصر روحي يتناسب معه، إذاً فعلاقة اللّه بنا وعلاقتنا به لا تكون عن طريق أجسادنا بل عن طريق أرواحنا. فإذا انحرفت روح إنسانٍ منا عن قداسة اللّه، يكون قد أخطأ إليه حتى إذا لم يظهر هذا الانحراف في عمل خارجي. ولا مجال للاعتراض على ذلك، لأن من يشتهي مال غيره، هو في الواقع لص، لأن ما يمنعه من السرقة ليس كراهيته لها، بل خوفه من عقوبة القانون أو احتقار الناس له. فإذا وثق أن سرقته لن تنكشف، فلن يتردد في ارتكابها. لذلك قال الوحي: لا تشتهِ بيت قريبك، ولا شيئاً مما لقريبك (خروج 20: 17) .

ولما كانت الخطية هي الانحراف الباطني إلى الشر، قال الوحي: فكر الحماقة خطية (أمثال 24: 9) . و كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس (1يوحنا 3: 15) . و كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه (متى 5: 28) . و من قال يا أحمق، يستوجب نار جهنم (متى 5: 22) . و كل كلمة بطّالة يتكلم بها الناس، سوف يعطون عنها حساباً يوم الدين (متى 12: 36) . كما نهانا عن الكذب والسُّكر والغضب، والمكر والرياء والحسد، والربا والسحر والطمع (أفسس 4: 25-31 و5: 4 و5 و1بطرس 2: 1 ومزمور 15: 5 ورؤيا 21: 8) حتى نكون قديسين كما أن الله قدوس (1بطرس 1: 15) ، إذ بدون القداسة (وهي التنزُّه عن النقائص) لن يرى أحد الرب (عبرانيين 12: 14) .

وقد عرف الأنبياء شر الخطايا الباطنية، فصرخ المرنم للّه: من الخطايا المستترة أبرئني (مزمور 19: 12) . كما قال له: اختبرني يا اللّه واعرف قلبي. امتحِنّي واعرِف أفكاري. وانظر إن كان فيَّ طريقٌ باطل، واهدني طريقاً أبدياً (مزمور 139: 23 و24) لأن الإِنسان قد يجهل أفكار الشر التي تجول في نفسه أو لا يحسب لها حساباً. وتكون النتيجة النهائية أنه يرى نفسه دون أن يدري، بعيداً عن اللّه بعداً عظيماً.

 

2 – الانحراف عن الخير:

وهو يشمل الأمور التالية:

(أ) التقصير في عمل الخير: اللّه قدوس يكره الشر، كما هو أيضاً صالح يحب الخير. فكل من أراد أن يحيا حياة التوافق مع اللّه وحياة البُعد عن الخطية، يجب أن لا يمتنع عن الشر فحسب، بل وأن يفعل الخير أيضاً. ولا مجال للاعتراض على ذلك، لأن من يمتنع عن مساعدة المسكين بعيد عن اللّه، فيكون خاطئاً حتى ولو لم يفعل شراً، لأن من يعرف أن يعمل حسناً ولا يعمل، فذلك خطية له (يعقوب 4: 17) . إذاً لنعمل الخير للجميع (غلاطية 6: 10) .

(ب) القيام بأعمال الخير لأغراض شخصية: يعمل بعض الناس الخير ليحصلوا على ثواب من اللّه أو مديح من الناس. وهم بهذا يسعون وراء منفعتهم الشخصية. وبعض الذين يعظون الناس ويرشدونهم يفعلون هذا ليحصلوا على المال أو لينشروا تعاليمهم الخاصة. وهؤلاء لا يهتمون بجوهر الدين (الذي هو العلاقة الروحية بين الإنسان وبين اللّه) بل بالمظهر الخارجي للدين فحسب، ليحصلوا على مركز مرموق في العالم الحاضر. إذاً فأعمال الخير والوعظ التي لا تُعمل بدافع المحبة وحدها، ولأجل مجد اللّه وخير الناس فحسب، تكون أعمالاً تجارية أو مصلحية. فلا يكون فاعلوها قد أتوا خيراً أمام اللّه، وبالتبعية لا يكونون أبراراً أمامه.

ولذلك قال المسيح: أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم (ليس خوفاً منهم، بل مشاركة للّه في عطفه عليهم، حتى يتوبوا ويرجعوا إليه طالبين عفوه وغفرانه) . وأَقرِضوا وأنتم لا ترجون شيئاً، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات. فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين (متى 5: 43-45 ولوقا 6: 35) . وقال: فمتى صنعت صدقة فلا تعرِّف شمالك ما تفعل يمينك، لكي تكون صدقتك في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية (متى 6: 3 و4) . وسيخاطب المسيح المتظاهرين بخدمته، الذين سينادونه في اليوم الأخير قائلين يا رب يا رب، أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين؟ بالرد الحازم القاطع إني لم أعرفكم قط. اذهبوا عني يا فاعلي الإثم (متى 7: 22 و23) .

مذكرة توضيحية: قالوا باسمك تنبأنا . والتنبؤ في الكتاب المقدس هو الإنباء بالغيب، وهو أيضاً الإنباء عن اللّه بالوعظ والتعليم (أعمال 15: 32 و1كورنثوس 14: 3) . فكلمة النبي مشتقة من النبأ أي الخبر فيكون الأشخاص المذكورون قد تنبأوا باسم المسيح أو وعظوا عنه، ولكن قلوبهم لم تكن مقدسة تماماً له. مَثَلهم في ذلك مَثَل شاول الملك الذي مع أنه كان يتنبأ مع الأنبياء (1صموئيل 10: 6) إلا أنه كان بعيداً بقلبه عن اللّه (1صموئيل 15: 26) . أو مثل الوعاظ الذين ينادون بكلمة اللّه، ولا يعملون بها. وهكذا الحال من جهة إخراج الشياطين، فقد يعطي الله بعض الناس سلطاناً على إخراجها ليستثمروه في خدمة المحتاجين إليه. لكن إذا انحرفوا عنه كان عذابهم وبيلاً، مثلهم في ذلك مثل يهوذا الإسخريوطي، فقد كان يصنع معجزات مثل الرسل، لكن لشرِّه هلك إلى الأبد.

(ج) حصر اهتمام النفس في العالم الحاضر: السعي وراء العيش وتحصيل المال اللازم لنا في هذا العالم أمر واجب طالما نحن نحيا في العالم، لكن إذا طغى هذا السعي على النفس وصرفها عن الصلة باللّه والتوافق معه، كان ذلك دليلاً على انحرافها عنه، وعدم ثقتها فيه ونقص تقديرها لفضله عليها. فيكون السعي المذكور خطية أيضاً. لذلك قال الوحي إن الناسين اللّه أشرار مصيرهم الهاوية مثل باقي الخطاة (مزمور 9: 17) . كما قال إن محبة العالم (أي الانصراف إليه) عداوة للّه (يعقوب 4: 4) ، لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة (1يوحنا 2: 16) . كما أوصانا: تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل قدرتك، ومن كل فكرك (لوقا 10: 27) . والمحبة للّه، وإن لم تكن عين الطاعة له، فهي الشوق القلبي إليه، والحنين المقدس للوجود معه، لكنها تقودنا طبعاً لطاعته، لا عن خوف ورعب مثل طاعة العبيد لسيدهم القاسي، بل عن حب وإخلاص مثل طاعة الأبناء لأبيهم البار. ولا مغالاة في هذه الوصية على الإطلاق، فاللّه هو خالقنا وصاحب الفضل علينا، ومن الواجب أن يكون له المقام الأول في حياتنا. كما أن المحبة له، إن لم تكن من كل القلب ومن كل النفس ومن كل القدرة ومن كل الفكر، لا تكون محبة كاملة. والمحبة غير الكاملة لا تليق باللّه. لذلك قال داود: وحِّد قلبي لخوف اسمك . أنت سيدي. خيري لا شيء غيرك (مزمور 86: 11 و16: 2) .

 

3 – مستوانا الروحي في ضوء اللّه:

(أ) الخاطي (في نظر اللّه) ليس من يعمل خطايا كثيرة فحسب، بل هو من يرتكب ولو خطية واحدة، بالفعلأو بالقولأو بالفكر، فقد قال الوحي: من حفظ كل الناموس، وإنما عثر في واحدة، فقد صار مجرماً في الكل. لأن الذي قال لا تزن، قال أيضاً لا تقتل. فإن لم تزن ولكن قتلت، فقد صرت متعدياً للناموس (يعقوب 2: 10 و11) . ولأجل خطية واحدة طرح اللّه بعض الملائكة من السماء (2بطرس 2: 4) ، ولأجل خطية واحدة طُرد آدم وحواء من جنة عدن (تكوين 3: 24) ، ولأجل خطية واحدة حُرم موسى النبي من دخول أرض كنعان (تثنية 32: 52) ، ولأجل خطية واحدة أمات اللّه حنانيا وسفيرة في الحال (أعمال 5: 1 – 11) . وقد أدرك أتباع سقراط هذه الحقيقة فقالوا: الإِنسان إما أن يكون فاضلاً إلى النهاية أو لا يكون. هو كالخط، إما أن يكون مستقيماً، أو غير مستقيم، ولا وسط بين الاثنين .

(ب) تُحسب الخطية (في نظر اللّه) خطية، ليس فقط إذا شعر مرتكبها بها أو لم يشعر. قد قال الوحي: ولا تقُل.. إنه سهو (جامعة 5: 6) ، لأن السهو دليل على عدم السلوك بالكمال، وذلك خطية. ونحن نعلم أن مخالفة القانون بسبب الجهل أو السهو لا ينجي المخطئ من القصاص، فالمفروض في كل المواطنين، بل وحتى في الغرباء الساكنين بينهم، أن يكونوا عارفين بقوانين البلاد وحريصين على تنفيذها، ولذلك كانت للمواطنين والغرباء شريعة واحدة (خروج 12: 49 ولاويين 24: 22) .

مما تقدم يتضح لنا أن الإِنسان مهما بلغ أسمى درجات الأخلاق الكريمة وقام بالواجبات الدينية خير قيام، ثم انحرف مرة عن اللّه بالفعل أو القول أو الفكر، يكون خاطئاً. وإذا عاش دون أن ينحرف هذا الانحراف، لكن لم يعمل كل الصلاح الذي يستطيع القيام به بالحالة التي تتوافق مع كمال اللّه، يكون أيضاً خاطئاً. وإذا عمل كل الصلاح الذي يستطيع القيام به بالحالة المذكورة، لكن أخطأ مرة واحدة سهواً، يكون خاطئاً أيضاً.

فإذا قيَّمنا أنفسنا في ضوء هذه الحقائق نكتشف أننا نرتكب خطايا لا حصر لها دون أن نحسب لها حساباً، ظناً منا أنها صغائر لا يقيم اللّه لها وزناً، لكنها في الواقع ذنوب ومعاصٍ في نظره. ولذلك قال الوحي عن الإِنسان عامة تصوُّر أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم (تكوين 6: 5) ، وإن قلبه (الذي هو موطن الشعور والعواطف فيه) أخدع من كل شيء وهو نجيس (إرميا 17: 9) ، وإن من القلب تخرج أفكار شريرة: زنا، فسق، قتل، سرقة.. تجديف (مرقس 7: 21 و22) و إن كل الرأس مريض، وكل القلب سقيم. من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة، بل جرح وأحباط الأحباط هي الجروح التي تنشأ من السحق، والمراد بها هنا الخطية التي تدمّر نفوس البشر وتسحقها وضربة طريَّة لم تُعصر ولم تُعصب ولم تُليَّن بالزيت (إشعياء 1: 5 و6) ، أي أن الخطية ضربت أطنابها في الإِنسان حتى أفسدت كيانه كله. ولقد أدرك فولتير شيئاً من هذه الحقيقة، فقال: كلما رسمتُ لنفسي صورة الإِنسان خُيّل إليَّ أنه شيطان .

 

الاعتراضات التي تُوجَّه ضد الحقائق السابقة والرد عليها

 

1 – عدم التفرقة بين الصغائر والكبائر، يشجع الناس على ارتكاب الكبائر.

الرد: الذين يهمُّهم إرضاء اللّه يمتنعون عن الصغائر كما يمتنعون عن الكبائر. أما الذين لا يبالون بإرضائه، فلا يتركون الكبائر، حتى لو سلّم اللّه لهم بوجود صغائر وكبائر، ولذلك لا مجال لهذا الاعتراض.

2 – هل من العدالة أن يضع اللّه أمامنا مقياساً عالياً للقداسة، ثم يعاقبنا لعدم استطاعتنا بلوغه؟.

الرد: السبيل الوحيد للتمتع باللّه هو التوافق معه في صفاته. وهو قدوس كل القداسة. فإذا أردنا التمتع به يجب أن نكون قديسين في كل سيرة (1بطرس 1: 15) . فلم يضع الله أمامنا مقياساً للقداسة أسمى مما يجب علينا الارتقاء إليه، بل وضع أمامنا المستوى القانوني الذي يجب أن نحيا فيه في كل حين. فعندما نشعر بعجزنا عن بلوغ هذا المستوى، يتنازل اللّه بنعمته ليرفعنا إليه، إذا وجد فينا الرغبة الخالصة لذلك، كما سيتضح بالتفصيل في الباب السادس من هذا الكتاب. فلا مجال لهذا الاعتراض.

3 – القول إن الإِنسان كله شر، لا يتفق مع الصواب، فالواقع يدل على أن به الكثير من الصفات النبيلة.

الرد: الإِنسان مخلوق أصلاً على صورة اللّه كشبهه (تكوين 1: 26) بمعنى أن اللّه خلق الإِنسان بمؤهلات روحية، تجعله قادراً على التوافق معه في صفاته الأخلاقية السامية. وقد عرف هذه الحقيقة كثير من المفكرين، فقال دكتور ألكسندر فندلي: خلق اللّه الإنسان على صورته ليبادله حباً بحب، لأن اللّه محبة . وإذا كان الأمر كذلك، فإن إنسانية الإِنسان تقوم أولاً وأخيراً على توافقه مع اللّه. فإذا انحرف عنه حرم نفسه من الإِنسانية بكل مميزاتها. فمن البديهي أن يظل فيه حتى بعد سقوطه في الخطية شيء من الصفات النبيلة، مثل المروءة والشهامة والعطف على المساكين والمحتاجين. لكن طالما أنه منحرف عن كمال اللّه وقداسته، فإنه كثيراً ما يمارس هذه الصفات، إما لأنه يحسّ مرة بقسوة الظروف عليه، فيريد أن يزيح شبحها من أمامه، أو لأنه يخشى أن لا يعطف عليه أحد إذا وقع هو في أزمة أو ضائقة، أو ليُشبع رغبة كامنة في نفسه تدعوه لأن يبدو عظيماً أو صالحاً على نحو ما، أو ليكفّر (حسب زعمه) عن شر ارتكبه حتى يكون له القبول لدى اللّه. وهذا يجعل أعماله المذكورة مشوبة بنقائص عدّة. ومع ذلك فالإنسان الخاطئ وإن كان يتصرّف بشيء من الصفات النبيلة، لكنه مع ذلك كثيراً ما يرتكب الرذائل والموبقات الشنيعة، فلا يكون باراً أو مستقيماً أمام اللّه.

4 – تحط المسيحية من قدر الإنسان بقولها إنه خاطئ بجملته، كما تجعله فريسةً للشر والإِثم.

الرد: المسيحية لا تجعل الإِنسان فريسة للشر والإِثم لأنها تعلن أنه يعمل الخطية بمحض إرادته. فضلاً عن ذلك فإنها لا تحط من قدره، بل تعلن له حقيقة أمره في ضوء مطالب اللّه، حتى لا يعتقد أن الله قريب منه، وهو في الواقع بعيد عنه. كما تعلن المسيحية أن الإِنسان مخلوق في أول الأمر على صورة اللّه كشبهه، فهناك أصلٌ للصلاح في نفسه يجعله قادراً على التمييز بين الحق والباطل، وبين الخير والشر. فإذا سعى بإخلاص نحو الحق والخير، رفعه اللّه فوق ما به من نقائص، كما سيتضح في الباب السابع من هذا الكتاب.